الجمعة، 4 أكتوبر 2013

"دور الإعلام الجديد في الثورات العربية"



الجامعة الإسلامية - غزة
كليـــــــة الآداب
قسم الصحافة والإعـلام
الدراســات العليـــا


تكليف:

"دور الإعلام الجديد في الثورات العربية"
( ضمن متطلبات مساق موضوع خاص في برنامج ماجستير الصحافة في الجامعة الإسلامية )


إعداد:
مها فالح ساق الله

إشراف:
د. أحمد عرابي الترك

2013م

مفهوم ثورات الربيع العربي:

الربيع العربي أو ثورات الربيع العربي هي حركة احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في مُعظم البلدان العربية خلال أوخر عام 2010 ومطلع 2011، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت جراء إحراق محمد البوعزيزي نفسه ونجحت في الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وكان من أسبابها الأساسية انتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية. ولا زالت هذه الحركة مستمرة حتى هذه اللحظة. ثم ما لبثت ان  نجحت الثورات بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن.
 وبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي.
 وأما الحركات الاحتجاجية فقد بلغت جميع أنحاء الوطن العربي عدى ثلاث دول، هي قطر والإمارات وجزر القمر، وكانت أكبرها هي حركة الاحتجاجات في سوريا. تميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربيّ أصبح شهيرًا في كل الدول العربية وهو: "الشعب يريد إسقاط النظام"،  فبلغت الأردن والبحرين والجزائر وجيبوتي والسعودية والسودان والعراق وعُمان وفلسطين (مطالبة بإنهاء الانقسام بالإضافة إلى الانتفاضة الثالثة) والكويت ولبنان والمغرب وموريتانيا. ( مدرسة الصحافة المستقلة، 2013).
ولعبت المواقع الاجتماعية والمدونات الالكترونية الأخرى دوراً رئيسياً في تحريك الثورات والاحتجاجات، وتحولت تلك الموقع إلى داعم حقيقي للثورات العربية. مما أدى إلى التأثير على الحكومات العربية.
فأصبحت الأنظمة العربية مهتمين أكثر بتلك المدونات والمواقع وقاموا بتأسيس صفحات خاصة بهم والمشاركة. وقد وفر الإعلام الجديد للشعوب العربية المتعطشة للحرية والعدالة القوة والمعلومة، وبالتالي أصبح الشعب العربي يرفض السلطة الفوقية، وعمل على كسر احتكار المعلومة.
ونجح الإعلام الجديد بإسقاط الكثير من الرموز السياسية، كما نجح بتغيير الكثير من القوانين، وأصبح المواطن العربي يعي تماما قوة الإعلام الجديد وتأثيره الكبير. ويجب على الحكومات أن تأخذ بعين الاعتبار قوة الإعلام الجديد، لأنه نجح بكسر هيبة الأنظمة السلطوية والاستبدادية، وكشف عن حكومات كانت عاجزة تماماً عن فهم الثورات العربية كالحكومة الليبية السابقة و رئيسها السابق عمر القذافي ( إسلام تايمز، 2011).


دور الإعلام الجديد في الثورات العربية:

ذكرت الكاتبة كاريل ميرفي أن هناك مبالغة في الدور الفعلي للإعلام الجديد في تغيير واقع السياسة العربية، وأن دور اعضاء مجموعات فايسبوك او المشاركين في “هاشتاغات تويتر” هو في غالب الاحيان رمزي، ولا يتعدى حدود الشكليات. لذلك، فإن النشاط السياسي في الانترنت لا يترجم بالضرورة الى تغيير او نشاط سياسي فعلي في الشارع العربي، وأن دور الاعلام الجديد في الربيع العربي لم يكن يمهد الطريق للشارع، بل كان استكمالا للدور الاساسي الذي لعبه المواطن في الشارع العربي.
وبحسب ميرفي قام الإعلام الجديد بدور ملموس في حشد وتوجيه المتظاهرين، لكنه لم يكن مفصليا في تسيير الاحداث.
بينما ذكر محمد النواوي، المحاضر في ثقافة التدوين في جامعة كوينز أن تعطيل الانترنت كان جوهريا في زيادة اعداد المتظاهرين في الشارع، معللاً ذلك بخروج أعداد كبيرة من المساندين للثورة الذين اختزلوا نشاطهم وراء الشاشة الى الشارع. وكانت تلك نقطة تحوّل في الثورة المصرية. ( طرابزوني، 2012)
وفي مصر، يرى الناشط المصري أيمن صلاح أن شبكات التواصل الاجتماعي كانت “اختراعاً جيداً بالنسبة للناشطين المصريين.” وكان الناشطون المصريون يتناقلون المعلومات عبر التويتر، وأغلبهم من المدونين لينقلوا صورة ما يحدث إلى العالم الخارجي، فقد كان هناك تعاون بين الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي والناشطين على الأرض، بحيث كان هناك ناشطون على الأرض يرصدون ما يجري على الأرض ويرسلوا الصور والفيديوهات إلى الناشطين على شبكة الإنترنت، الذين ينشرونها بدورهم على مواقع التواصل الاجتماعي
أما في سوريا، فقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً هاماً، حيث كانت الملاذ الآمن لكثير من الناشطين في بلد تُحظر فيه التجمعات والتظاهرات واستطاع المواطن السوري نشر الجرائم وتوثيق المجازو المرتكبة في حق المدنين بفضل نشرها على الفايس بوك واليوتوب ( الاتحاد).
لقد أبدع الإعلام الاجتماعي في ثورة سورية ،وإعلاميين هذا القطاع كان لهم الدور المميز والقاتل للنظام السوري في نقل الصورة الفعلية لصورة سورية وممارسة النظام ،لقد استخدم الثوار هواتف الثورية التي كانت صلة الوصل بين الثوار والعالم الخارجي  ( العزي، 2011).


كذلك، في اليمن، يقتصر عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على 300 ألف مستخدم، العدد الذي لا يواكب حجم الاحداث في الشارع اليمني. لذلك، فإن حشد المتظاهرين وتوجيههم لم يتم بشكل اساسي عن طريق الاعلام الجديد، بل تم بشكل اساسي عن طريق الوسائل التقليدية ( طربزوني، 2012).
ويظل الاعلام الجديد اليوم متأثرا بشكل كبير من قبل رجالات الاعلام التقليدي. ان جل المستخدمين المؤثرين في تويتر هم كتاب الصحف التقليدية والعاملين في القنوات الإخبارية، مع بعض الاستثناءات.
ويتحرك الراي العام في تويتر بناءا على ما يكتبه المستخدمون اصحاب العواميد في الصحف ومقدمو البرامج الحوارية، وما زالوا هم المتربعين على عرش الاعلام الجديد.
ولا يزال دور الحكومات العربية في الاعلام الجديد غامضا. قد يؤدي الوجود الحكومي في مواقع التواصل الاجتماعي الى تغيير شكل المداولات السياسية.
إن الاعلام الجديد هو باختصار مرحلة انتقالية من الركود الى الوعي السياسي، من الانسيابية الى القيادة، وبالتأكيد مرحلة انتقالية في تغيير شكل الحكومات العربية والمجتمع المدني ( طرابزوني، 2011).
أما رئيس تحرير صحيفة «الحياة» المساعد جميل الذيابي أكد أن الإعلام الجديد فرضَ تأثيراته على الإعلام التقليدي في ثورات الربيع العربي ووثقها، «ما دفع القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المقروءة للنقل عنه»، مشيراً إلى أن الإعلام الجديد حضرَ بقوة في الثورات العربية، «فتنفسَ الناسُ حتى أصبح المواطن صحافياً، وأصبحت الصحافة تأخذُ من «فيسبوك» و«تويتر».
هذا وتجاوز الإعلام الجديد الرقابة الموجودة على الصحافة الورقية، التي تحاول أن يبقى مسارها دون الخط الأحمر»
ويبقى الإعلام الجديد دون المستوى في بعض توجهاته، فبعض «رواده غير متخصصين ولا يحملون أي مؤهلات وشهادات، كما أن الإعلام الجديد يفتقد قبول الحوار، وتغلب عليه اللغة البذيئة، فهو بحاجة لوقت كافٍ يتم فيه فرز الجيد من الرديء، وعلينا أن نعيش التجربة. ( الذيابي، 2011 ).
وعن دور شبكات التواصل الاجتماعية في دول الربيع العربي، فقد شكلت مواقع مثل" فيسبوك" "وتويتر" "ويوتيوب" حلقة وصل بين ما كان يجري في الشارع من أحداث وبين المعلومات التي يتم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعية، ومن ثم نقلها إلى وسائل الإعلام العربية والعالمية. وذلك في وقت انهمك فيه الإعلام الرسمي في دول مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا في التقليل من شأن غليان الشارع وتبسيط التحركات الشعبية، وتصويرها على أنها لا تمثل نبض الشارع أو أنها غير موجودة على الأرض أصلاً.
إن الفيس بوك كان بطل ثورات الربيع العربي في مرحلته الأولى، وربما يكون التويتر بطل الربيع العربي في مرحلته الثانية، واليوتيوب بطل الربيع الآسيوي مستقبلا. وكنتيجة مباشرة وطبيعية لانتشار استخدام شبكات التواصل الاجتماعية ظهر مصطلح جديد باسم «إعلام المواطن»، والذي يعني وجود إعلام منافس وبقوة (من المواطن إلى المواطن مباشرة) لهذا يمكننا القول إن إعلام المواطن قد يسرع أي محاولة لتهديد الاستقرار أو نشر الفوضى والغوغائية في بلد ما، ولأن أي جهود تبذل لدعم صناعة الاستقرار أو محاولات لزعزعة الاستقرار في أي بلد تبدأ بفكرة يتم نشرها لإقناع أكبر عدد من الناس بها ثم تتحول الفكرة الذي موقف ثم رأي عام ثم إلى سلوك (المقاطي).
وأضحى الفيس بوك مؤسسة إعلامية تجمع النص والصورة والفيديو وبدون دفع أي أموال كبيرة في الحصول على المعلومة ولا لحاجة لمقر ولا أدوات ومعدات كبيرة وهائلة ولا موظفين وإدارات, بل وان أصبحت مؤسسة كبيرة في ربيع الثورات العربية وتنقل منها المؤسسات الإعلامية الكبيرة وهو منعرج جديد في أسلوب التعاطي الاعلامي (الزبير).
لقد كان "الفيس بوك" في ثورتي تونس ومصر هو المحرك الأساسي والرئيسي للثورة التي فتحت فيها صفحات في كلا البلدين باسم خالد سعيد في مصر ومحمد بوعزيزي في تونس ،وبرز نشطاء "الفيس بوك"، وقيادات فعلية لأدارت الثورة من خلال نشطاء عرفوا بأسمائهم ك نواره فؤاد نجم وائل غنيم وأسماء محفوظ .
وقد اكتسب الفيسبوك المزيد من الشعبية بعد الثورة المصرية، فقد أثبتت الإحصائيات تزايد أعداد مستخدميه بعد ثورة 25 يناير بمعدل مليون شخص، حيث ارتفع عدد زواره من 4 مليون و200 ألف شخص خلال شهر يناير الماضيـ إلى 5 ملايين و200 الف شخص خلال شهر فبراير الماضي. ( الاتحاد, 2013).
ويقدر معدل نمو استخدام الإنترنت في المنطقة خلال الفترة بين عامي 2000 و2009 بنحو 1.648 في المئة، وهو أعلى معدل من نوعه على المستوى العالمي. وقد تبين الإحصائيات القادمة حول عام 2011 ليس فقط استمرار هذه الزيادة، بل ارتفاع معدلاتها بشكل مذهل ( إسلام تايمز، 2011)
بينما اعتبر مارك كوخ رئيس تحرير مؤسسة دويتشه فيله، أنه بغض النظر عن الإحصائيات التي تظهر التنامي المطرد لاستعمال وسائل الإعدام الجديد في العالم العربي كالفيسبوك وغيره وهي وسائل أعطت دفعة كبيرة لحركة التغيير، من حيث أنها مكنت الأشخاص ذوي الاهتمام المشترك من التجمع وتبادل الأفكار. إلا أنه نبه إلى أن الإعلام التقليدي يلتزم بضوابط مهنية صارمة، وعليه التثبت من مصدر وصحة المعلومات ومنها الفيديوهات التي يتناقلها الإعلام الجديد في الإنترنت ( مركز DW الإعلامي، 2011)
ومن دون شك، كان لأفلام يوتيوب والنشاط التويتري دور كبير في حشد الاهتمام الدولي لقضايا الاستبداد في بعض دول العالم العربي، حيث كان لقاء هيلاري كلينتون مع موقع مصراوي تأكيدا على دور الاعلام الجديد في التدخل الامريكي في مصر، حيث لأول مرة قامت وزيرة الخارجية الامريكية بتلقي اكثر من 6500 سؤال من تويتر وفايسبوك بعيدا عن تضليل لقاءات الاعلام التقليدي. ( طرابزوني، 2012)
دور الإعلام الجديد في التنشئة السياسية:
يعتبر الانترنت ساحة لممارسة نوع جديد من التنشئة السياسية يمكن اعتبارها تنشئة سياسية ذاتية أو غير موجهة، إذ لا تقود هذه العملية جهة أو مؤسسة ما سواء رسمية أو غير رسمية، فعلى الرغم من وجود مواقع للمؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية بأنواعها على شبكة الانترنت ووجود صفحات لها على الشبكات الاجتماعية الشهيرة، إلا أن تأثيرها يبدو محدودا لاسيما في ضوء حقيقة أن مستخدم الانترنت يملك في هذه الحالة مطلق الحرية في التعرض للمحتوى الذي تعرضه هذه الصفحات والمواقع، فضلا عن طبيعة الانترنت التي تسمح بالحوار والانتقاد المستمر للأفكار والرؤى المطروحة من جميع الأطراف.
أنماط التفاعل الالكتروني المؤثرة في التنشئة السياسية :
يمكن تحديد أبرز أشكال منظومات التفاعل الالكتروني التي يلجأ إليها مستخدمو الانترنت والتي تلعب بشكل أو بآخر دورا في عملية التنشئة السياسية على النحو التالي:
1-        فضاءات الحوار الجماعي والشبكات الاجتماعية: تقوم هذه الفضاءات على منطق الديمقراطية في المشاركة – إلى حد ما – بالتواصل ما بين الجمهور، وهي تأخذ شكل الدردشة أو الحوار، ويتمثل المبدأ العام الذي يميزها في أن أفراداً تجمعهم شواغل وهواجس مشتركة، يقررون الائتلاف ضمن مجموعة افتراضية، ليتحدثوا ويتناقشوا ويتبادلوا الآراء حول موضوع ما، فيشكلون بهذا المعنى جماعة يتواصل الأعضاء فيها أفقياً، إذ إن كل عضو هو في الوقت ذاته مرسل ومستقبل.
2-        الصحافة الالكترونية: تتسم الصحف الالكترونية بالعديد من الخصائص الاتصالية، التي تنطلق من قدرات شبكة الانترنت كوسيلة اتصال حديثة، وأكدت معظم الأبحاث والدراسات على إنها أصبحت وسيطاً إعلامياً فعالاً، حيث مكنت الأفراد والمؤسسات من إرسال واستقبال المعلومات عبر أية مسافة وفي أي زمان أو مكان.. لاسيما بعد أن شهدت نمواً مضطرداً وتزايداً سريعاً في إقبال العديد من المؤسسات الصحفية على استخدامها، وتتنوع الخصائص التي تتسم بها الصحافة الالكترونية، لتكون بمثابة الميزة الجديدة للنشر على شبكة الانترنت، التي من بين أهم خصائصها.
3-        المدونات Blogs: وهي أحد أشكال المنظومة التفاعلية الالكترونية الأكثر أهمية، إذ هي مواقع شخصية على شبكة الانترنت تتضمن آراء ومواقف حول مسائل متنوعة، هي تعد تطبيقاً من تطبيقات الانترنت، يعمل عن طريق نظام لإدارة المحتوى، وعبارة عن صفحة على الشبكة تظهر عليها "تدوينات" أو موضوعات مؤرخة ومرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً، ينشر عدد منها يتحكم فيه مدير أو ناشر المدونة، ويتضمن النظام آلية لأرشفة التدوينات القديمة، تمكن القارئ من الرجوع إلى تدوينة معينة في وقت لاحق، عندما تعود غير متاحة على الصفحة الرئيسة للمدونة.( المركز العربي للأبحاث، 2012).

وتبلغ نسبة التعبير عن الآراء والمواقف السياسية نسبة كبيرة من تدوينات الجماهير، فقد وفرت ـ بلا شك - شبكات التواصل الاجتماعي قناة مهمة للتعبير عن الرأي، وكرّست مفهوم الحق في المشاركة السياسية
وتعد شبكات التواصل الاجتماعي بمثابة النافذة أو القناة التي يتم من خلالها التوجيه السياسي، حيث تعد هذه الشبكات إحدى وسائل تشكيل الوعي السياسي في الوقت الراهن.
وتقوم شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بدور بارز ومؤثر في تحقيق النوع الأول من الثقافة السياسية، وهو (ثقافة المشاركة) لأن إحدى أهم سمات هذه الشبكات التفاعلية اللامحدودة التي تتيح مشاركة أعداد كبيرة حول القضايا السياسية المعاصرة.
ويمكن الاستفادة من انتشار شبكات التواصل الاجتماعي في تشكيل اتجاهات الرأي العام تجاه مختلف القضايا، وتحديداً التوعية والتثقيف السياسيين من خلال نشر المفاهيم السياسية بأساليب مبتكرة ( وكالة أنباء البحرين، 2012).
إن لوسائل الإعلام الجديد متمثلة في شبكات التواصل الاجتمعي دور في التحولات السياسية في البلدان العربية. فأشارت إحدى الدراسات إلى أن استخدام الإنترنت بوجه عام، والشبكات الاجتماعية بوجه خاص، قد أسهم في إيقاظ الوعي العربي، حيث سمحت الشبكات الاجتماعية لملايين من الأفراد – ولأول مرة – بتنظيم تحركاتهم بسرعة ومهارة ومرونة تفوق بكثير الأبنية والأنظمة السياسية والاجتماعية والإعلامية التقليدية.
وهناك تفوق واضح للشبكات الاجتماعية في تكوين آراء الجمهور نحو الثورات العربية، نتيجة لسماح هذه الوسائل بحرية أكبر بكثير من الوسائل التقليدية، وقدرتها على تحقيق المشاركة بفاعلية.
وتعد الشبكات الاجتماعية فرصة ملائمة لمساعدة الدول العربية في مساعيها نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من خلال التوجه برسائلها عبر هذه الوسائل، واستقطاب الشباب بوسائل واقعية وملائمة ،تحاكى حياتهم اليومية بلغة بسيطة، بعيدة عن التعقيد والتركيب. ( البدوي)
وقد وجد الشباب العربي متنفسهم في المدونات فكتبوا، وآخرون وجدوا متنفسهم في الفيديو، واكتشفوا جميعاً أن همهم واحد فكان اللقاء الرقمي في جمهوريتهم الافتراضية الجديدة (جمهورية الفيسبوك) بعيداً عن الاجتماعات الخفية في الغرف السرية، وتوزيع المنشورات في جنح الليل، حيث نجحت ثورات تونس ومصر وليبيا وآخرها كانت اليمن، وكان هذا التعبير أصدق تلخيص لإسهام الإعلام الجديد في تسونامي الاحتجاجات العربية التي ما زالت تهز العالم العربي حتى الوقت الحاضر، بعد أن أطاحت نظماً سلطوية ( البياني، 2012)
وجاء التفاعل الشعبي العربي مع وسائل الإعلام الجديدة في فضح ممارسات رجال الأمن وبؤر الفساد السياسي والاقتصادي ونشرها على مواقع التواصل وما صاحبها من جدل وغموض في الشرق والغرب ودخول لاعبين جدد إلى دائرة التأثير، كلها مسائل يقف عندها المتابع لما يبث في مختلف الوسائل الإعلامية، فمع الإعلام الجديد زال الرقيب وأصبح المتلقي مراسلاً من دون وسيط، فالمرسل والمتلقي أصبحا شخصًا واحدًا يتفاعلان ويتواصلان بحرية بعد أن تحول الوسيط إلى شبكة متوفرة لكل للجميع, فلكل فرد القدرة على بناء وسيلته, بعد أن أصبحت سهلة المنال وغير مكلفة (النيرب، 2011).
فقد أدى الإعلام الجديدة" في الثورة التونسيّة إلى انتشار المدوّنات السياسيّة والمواقع والمنتديات والفضائيات وصفحات الفيسبوك بشكل ملفت للانتباه في العقد الأخير، كما أنّ الإقبال على تداول الفيديوهات على اليوتوب وتبادل التغريدات والصور والمعلومات على تويتر ازداد في السنوات الأخيرة التي سبقت اندلاع الثورات.
 وممّا لاشكّ فيه أنّ سهولة استخدام هذه الوسائل التواصليّة وقدرتها على الحشد والتعبئة والضغط وسرعة نقلها للمعلومة واختراقها للحدود الجغرافيّة والزمنيّة قد ساهمت في اعتبارها المصدر الرئيسي لنشر الوعي بين المتعطّشين إلى الحرية والكرامة والعدالة والراغبين في الخروج من حالة التهميش أو الاستلاب أو العزلة.( مدونة قنطرة، 2013).
الشبكات الاجتماعية، والفايسبوك تحديدا، قد أسهم في الزيادة من منسوب تواصل الشباب المنتفض، وتدعيم التنسيق فيما بينهم فيما يخص أماكن وأوقات التواجد، وطبيعة المستجدات المطلبية المفروض رفعها. كل هذا صحيح، لكن ذلك لا يعوض التواجد على الأرض يوم الاحتجاج، بدليل أن قطع الحكومة المصرية لشبكة الإنترنيت، لم يقلل من حجم المتظاهرين، ولا من حدة شعاراتهم ومطالبهم.
هذه الشبكات قد ساهمت بقوة في رفع منسوب الوعي لدى الشعوب، وتأكدها من أنها هي مصدر الشرعية، تمنحها لمن تشاء وتزيحها متى بدا لها ذلك واردا أو قابلا للتحقيق، وأن هذه الشبكات قد أفرزت قيما جديدة لعل أهمها بالمطلق القبول بالآخر في تنوعه واختلافه وتباينه مادامت المطالب موحدة والمصير مشترك.
ويمكننا القول بالمحصلة، إن هذه الشبكات أبانت بأن ثمة شعوبا حية ويقظة حتى وإن خضعت لعقود من الظلم والاستبداد والإهانة والارتهان ( اليحياوي، 2012).
ونبه محمد كريشان لتحول منابر الإعلام الجديد في تونس مثلا لمنابر لشتم المخالفين، ومحاربة السياسة بطريقة سيئة ولغة وصفها بالمتدنية بشكل لا يتناسب مع الربيع العربي، مطالبا الشباب بعدم التقوقع في هذا الفضاء الافتراضي والانخراط في الجمعيات والاتحادات والإعلام «التقليدي» ( العرب، 2012).

 فقد أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية وسيلة قوية للدفاع عن حرية الصحافة، وعن الحريات عامة،  مثلما أصبحت تمثل السلطة الخامسة حيث عجزت وسائل الإعلام التقليدية عن لعب دورها. ( البياني، 2012).

الإعلام الجديد ومدى تأثيره على الإعلام التقليدي من خلال تجربة الثورات العربية:
هناك صنفان من الآراء، الأول الذي يرى في الإعلام الجديد نقلة نوعية في عالم الاتصالات، جاءت بحلول  ضخمة تسمح للجميع دون استثناء بالمشاركة وطرح القضايا ومناقشتها وتحليلها بكل حرية دون تدخل قوى خارجية تحد من صلاحياته كمواطن له الحق في التعبير بكل شفافية عن همومه وآماله وآلامه..
أما النوع الثاني فهو ذاك الرافض بشدة لمصداقية الإعلام الجديد وتشكيكه في شرعيته وانتقاص قيمته بحجة غياب المهنية وانعدام الضوابط التي تحكمه وبعده عن الإعلام الرسمي الذي تنهج فيه سياسات محددة، وغالبا ما تكون دوافع هذه الفئة المعارضة شخصية بالدرجة الأولى، وذلك خوفا على تقليص صلاحياتها وانتقاص مهامها والحد من سلطتها المطلقة ( الصالحي، 2011).
فقد لعبت وسائط الإعلام الجديدة، بالتضافُر مع وسائل الإعلام التقليدية، دوراً محورياً في تلك الأحداث. كما خلَقت فضاءً للرأي العام، وتم توظيفها كبنية تحتية سياسية لحشد الموارد غير المكافئة لموارد الأنظمة من ناحية، ولتصبح، من ناحية أخرى، أدوات إعلامية مهمة ذات تأثير سياسي خارجي كبير.
وصَبَّ التضافُر المشترك لوسائل الإعلام المتنوعة في صالح النُّشطاء العرب: فالمتظاهرون قاموا بتصوير الأحداث بهواتفهم المحمولة، ثم نشروا أفلامهم على شبكة الإنترنت بواسطة موقع يوتيوب، وبالتالي تلَقّتها القنوات التلفزيونية، مثل قناة الجزيرة، وبثّت هذه الأفلام على موجاتها الفضائية، لتبلغ كل منزل وبيت في جميع أنحاء العالم العربي ( قنطرة، 2012).
إن الاعلام الجديد أكثر تحرراً من الإعلام التقليدي لأنه لا يخضع لرقابة اجهزة القمع، كما أن العاملين في الإعلام الجديد أكثر شجاعة من العاملين في الإعلام التقليدي، كما أن الإعلام الجديد احتضن الكثير من المواهب غير المحترفة الا انهم نجحوا بالوصول الى قلوب الناس ( عمون، 2011).
وضاح خنفر مدير منتدى الشرق والمدير السابق لشبكة قنوات الجزيرة قال: إن أهم نقاط ضعف الاعلام الجديد تتمثل في غياب فقه الأولويات وسهولة تعرضه للاختراق وكذلك سطحيته وخصوصاً في الفترة الأخيرة، داعياً الشباب إلى العودة الى القيم التي انتصروا بها ولأجلها في البداية والبعد عن التناحر فيما بينهم كما يحصل حالياً. ( مأرب برس، 2012).

المراجع:
1-        الاتحاد (2013): دور الإعلام الجديد في الثورات العربية، رابط الموضوع:
3-        البياتي، ياس خضير (2012): تسونامي الربيع العربي و"جمهورية الفيس بوك"، موقع.saudiwave،  رابط الموضوع:
4-        الصالحي، أمال (2011): الإعلام الجديد وصناعة الثورات، مدونة آمال، رابط الموضوع:
5-        الذيابي، جميل (2011): الإعلام الجديد حضرَ بقوة ... في الثورات العربية، موقع المفكرة الإعلامية، رابط الموضوع: http://themedianote.com/newsdetail.aspx?id=2083
6-        الزبير، عصام محمد: الإعلام في ربيع الثورات العربية، الملتقى الدولي للصحفيين بأكادير،  رابط الموضوع:
7-        العرب (2012): دور الإعلام الجديد في رفع الوعي السياسي والاجتماعي، رابط الموضوع:
8-        العزي، خالد ممدوح ( 2011): إعلام التواصل الاجتماعي: ودوره في الثورات الشعبية من صربيا إلى روسيا مرورا بثورات الربيع العربي، موقع المغتربين، رابط الموضوع:
9-        المركز العربي للأبحاث (2012): دور وسائل الإعلام الجديد في عملية التنشئة السياسية، رابط الموضوع: www.arabicenter.net/ar/news.php?action=view&id=1716
10-    المقاطي، سفران: إعلام المواطن وتداعيات الربيع العربي، موقع يونيم، رابط الموضوع:
11-    النيرب، باسل ( 2011): الإعلام الجديد ... الغموض في عرض الواقع، موقع البيان، رابط الموضوع:
12-    اليحياوي، يحيى (2012): الثورات والإعلام الجديد حوار مع الدكتور يحيى اليحياوي، مركز نماء،  رابط الموضوع:
13-    إسلام تايمز (2011): الإعلام الإلكتروني والربيع العربي الإسلامي، رابط الموضوع:
14-    طرابزوني، عبد العزيز (2011): حقيقية الإعلام الجديد في الربيع العربي.. ومستقبله، رابط الموضوع: http://www.majalla.com/arb/2011/10/article55228614
15-    عمون (2011):  كيف غير الربيع العربي قواعد اللعبة الإعلامية والسياسية في العالم العربي؟، رابط الموضوع: http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=104126
16-    مأرب برس (2012): الإعلام الجديد يفتقد لفقه الأولويات وعلى الشباب العودة للقيم التي انتصروا بها ولأجلها،
17-    مدونة قنطرة (2012): الإعلام العربي وثورات الربيع العربي، رابط الموضوع:
18-    مدونة قنطرة ( 2013): دور وسائل التواصل الاجتماعي في التحول الديمقراطي العربي، رابط الموضوع: http://ar.qantara.de/content/dwr-wsyl-ltwsl-ljtmy-fy-lthwl-ldymqrty-lrby-lthqf-lrqmytrsykh-m-tzyyf-llwy-ldymqrty-lrby
19-    مدرسة الصحافة المستقلة  (2013):  الإعلام وثورات الربيع العربي، رابط الموضوع:
20-    مركز DW الإعلام  (2011): الإعلام الجديد وحراك التغيير في العالم العربي، رابط الموضوع:
21-    وكالة أنباء البحرين (2012): دور مواقع التواصل الاجتماعي في تعميق الوعي السياسي، رابط الموضوع: http://www.bna.bh/portal/news/497100

هناك 3 تعليقات:

  1. رائعه وعظيمه الباحثه مها
    وفقك الله وبارك الله فيكي لقيامك بوضع هذا الجهد العظيم المتميز بين ايدينا
    دمتي ودام عطائك

    ردحذف
  2. الموضوع ممتاز , ويحتاج الى المزيد من البحث . حيث اصبحت وسلئط الاعلام الحديث تسيطر على ثقافة الشعوب . وخاصة فئة الشباب .

    ردحذف